فصل: حكم من أسلم وتحته امرأة محرَّمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.7- عقد النكاح:


.أركان عقد النكاح:

أركان عقد النكاح أربعة:
الزوج.. والزوجة.. والولي.. والصيغة وهي الإيجاب والقبول.

.شروط عقد النكاح:

يشترط لصحة عقد النكاح ما يلي:
1- رضا الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالمحرمية من نسب، أو رضاع، أو اختلاف دين.
2- حصول الإيجاب: وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه بأن يقول: زوجتك أو أنكحتك فلانة ونحوهما.
3- حصول القبول: وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه بأن يقول: قبلت هذا الزواج أو النكاح.
فإذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح.
ولا يجوز الإيجاب والقبول إلا بالعربية لمن قدر عليها.
ومن عجز عن النطق بالعربية انعقد زواجه بلغته التي يفهمها ويتكلم بها؛ لأن العبرة في العقود للمعاني.
وينعقد زواج الأخرس بإشارته إن فُهمت، وللغائب بوكيل أو كتاب.

.وقت عقد النكاح:

يجوز عقد النكاح في كل وقت إلا حال الإحرام، ويجوز في كل مكان، ويجوز في أي حال إلا في وقت العدة، ويجوز في حال الطهر، وحال الحيض، سواء كانت بكراً أم ثيباً.

.حكم التوكيل في الزواج:

كل عقد يجوز للإنسان أن يعقده بنفسه يجوز له أن يوكل فيه غيره كالبيع، والإجارة، والتزويج ونحو ذلك.
ويصح التوكيل من الرجل الكامل الأهلية لغيره، ولولي المرأة أن يعقد عليها برضاها بدون توكيل منها له.
1- عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: «أَتَرْضَى أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلاَنَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «أَتَرْضَيْنَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلاَناً؟» قَالَتْ: نَعَمْ. فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ، فَدَخَلَ بهَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقاً وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئاً وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الحُدَيْبيَةَ، وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الحُدَيْبيَةَ لَهُ سَهْمٌ بخَيْبَرَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم زَوَّجَنِي فُلاَنَةَ وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقاً وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئاً، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سَهْمِي بخَيْبَرَ فَأَخَذتْ سَهْماً فَبَاعَتْهُ بمِائَةِ أَلْفٍ. أخرجه أبو داود وابن حبان.
2- وَعَنْ أُمِّ حَبيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ ابْنِ جَحْشٍ فَهَلَكَ عَنْهَا وَكَانَ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهِيَ عِنْدَهُمْ. أخرجه أبو داود.

.خطبة عقد النكاح:

1- يستحب للعاقد أن يخطب بين يدي عقد النكاح بخطبة الحاجة، ثم يعقد بين الزوجين برضاهما بالإيجاب والقبول، ثم يشهد على ذلك رجلين.
وخطبة الحاجة في النكاح وغيره هي:
عَنْ عَبْدِالله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُوتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَوَامِعَ الخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ أَوْ قَالَ: فَوَاتِحَ الخَيْرِ فَعَلَّمَنَا خُطْبَةَ الصَّلاَةِ وَخُطْبَةَ الحَاجَةِ، خُطْبَةُ الصَّلاَةِ: «التَّحِيَّاتُ؟ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». وَخُطْبَةُ الحَاجَةِ: «إِنِ الحَمْدَ؟ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذ بالله مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». ثمَّ تَصِلُ خُطْبَتَكَ بثلاَثِ آيَاتٍ مِنْ كِتَاب الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
ثم يقول: «أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثةٍ بدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ». أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
2- يصح عقد الزواج من غير خطبة؛ لأن الخطبة مستحبة غير واجبة.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةٌ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقالتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي. فَقال رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قال: «قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ». متفق عليه.

.حكم الإشهاد على عقد النكاح:

يسن الإشهاد على عقد النكاح بشاهدين عدلين مكلفين، وإذا كان النكاح معلَناً مشهوداً عليه من اثنين فهذا كماله، وإن كان معلَناً بدون شاهدين، أو مشهوداً عليه بدون إعلان فهو صحيح.
لكن الشهادة على عقد الزواج أفضل؛ لأنه عقد من العقود العظيمة، ولأن بالشهادة على الزواج التمييز بين الحلال والحرام، والتوثق لأمر الزواج، والاحتياط لإثباته عند الحاجة إليه، ولدفع الظِّنَّة والتهمة عن الزوجين بالشهود والإعلان.

.حكم الزواج بلا قَسْم:

يجوز للرجل أن يتزوج امرأة ويشترط عليها أن يأتيها متى شاء، فإذا رضيت بذلك فله نكاحها؛ لأن القَسْم حق لها، وقد رضيت بإسقاطه، ويسمى عرفاً زواج المسيار.

.حكم التهنئة بالنكاح:

يسن الدعاء للمتزوجين بعد عقد النكاح بما ورد في السنة، ومنه:
1- عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى عَلَى عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أثَرَ صُفْرَةٍ، قال: «مَا هَذَا؟». قال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قال: «بَارَكَ اللهُ لَكَ، أوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنهْا قَالتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأتَتْنِي أُمِّي فَأدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. متفق عليه.
3- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا رَفَّأَ الإنْسَانَ إِذا تَزَوَّجَ قَالَ: «بَارَكَ اللهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ». أخرجه أبو داود والترمذي.

.حكم التهاني في المناسبات:

الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الله ورسوله، أو تضمن مفسدة.
وبناء على هذا الأصل فتجوز جميع التهاني التي اعتادها الناس وتعارفوا عليها في المناسبات إن لم يقصدوا التعبد بها.

.الآثار المترتبة على عقد النكاح:

إذا تم عقد الزواج بأركانه وشروطه ترتب عليه ما يلي:
1- حِلّ استمتاع كل من الزوجين بالآخر ما لم يمنع منه مانع شرعي.
2- حِلّ الوطء في القبل لا في الدبر.
قال الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [223]} [البقرة:223].
3- حِلّ الوطء في حال الطهر لا في حال الحيض والنفاس والإحرام.
قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [222]} [البقرة:222].
4- حِلّ النظر إلى الزوجة، ولمس سائر بدنها، والاستمتاع بها في أي وقت.
5- ملك الزوج حبس الزوجة وعدم الخروج إلا بإذنه.
6- وجوب المهر المسمى على الزوج للزوجة.
7- وجوب النفقة على الزوج بتأمين الطعام واللباس والسكن.
قال الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [7]} [الطلاق:7].
8- ثبوت حرمة المصاهرة بين الزوجين والأقارب.
9- ثبوت نسب الأولاد من الزوج.
10- ثبوت حق الإرث بين الزوجين.
11- وجوب العدل بين الزوجات عند التعدد.
8- نكاح الكفار:

.8- حكم نكاح الكفار:

حرم الله عز وجل على المسلم أن ينكح مشركة، كما حرم على المشرك أن ينكح مسلمة؛ لأن الزواج لا يربط بين قلبين ليست عقيدتهما واحدة.
والله الذي كرم الإنسان، ورفعه على الحيوان، يريد لهذه الصلة ألا تكون ميلاً حيوانياً، ولا اندفاعاً شهوانياً؛ إنما يريد أن يرفعها حتى يصلها بالله في علاه، وتقوم عبودية الله من خلالها.
إن الزواج نسب في الله، وهو أعلى الأنساب، ولا ينبغي للأعلى أن يكون مثل الأدنى، أو يكون تحته.
قال الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [221]} [البقرة:221].

.حكم أنكحة الكفار:

نكاح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حكمه كنكاح المسلمين فيما يجب به من مهر ونفقة ونحو ذلك، وتحرم عليهم من النساء من تحرم علينا، وإذا ترافعوا إلينا حكمنا عليهم بما أنزل الله علينا.
والكفار يقرّون على أنكحتهم الفاسدة بشرطين:
أن يعتقدوا صحتها في دينهم.. وأن لا يترافعوا إلينا.

.حكم النكاح إذا أسلم أحد الزوجين:

1- إذا أسلم الزوج: فإن كان ممن يجوز له البقاء مع امرأته أقررنا النكاح كزوج كتابية، ولو وقع النكاح بدون ولي.
وإن كان لا يجوز له الاستمرار لم يُقرّ عليه، ووجب التفريق بينهما، كما لو أسلم وتحته ذات رحم مُحرَّم كالأخت، أو تحته أختان، أو في عصمته أكثر من أربع نساء، وكل ما سوى ذلك لا يُلتفت إليه.
وإذا أسلم أحد الزوجين الكافرين بعد الدخول فالنكاح موقوف:
فإذا أسلم الزوج، فإن كان تحته كتابية فالنكاح باق، وإن كان تحته كافرة غير كتابية فإن أسلمت فهي زوجته، وإن لم تسلم وجب عليه فراقها.
وإن أسلمت الزوجة، وانقضت عدتها، ولم يسلم زوجها، فلها أن تنكح زوجاً غيره.
وإن شاءت انتظرت إسلامه، فإن أسلم كانت زوجته من غير تجديد عقد نكاح ولا دفع مهر، ولا تمكِّنه من نفسها حتى يسلم.
وإذا أسلم الزوجان معاً، أو أسلم زوج كتابية، بقيا على نكاحهما.
وإن أسلم زوج غيركتابية قبل الدخول بطل النكاح؛ لأن المسلم لا يجوز أن ينكح كافرة.
وإذا أسلمت المرأة الكافرة قبل دخول الكافر بها بطل النكاح؛ لأن المسلمة لا تحل لكافر.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [10]} [الممتحنة:10].

.حكم النكاح إذا ارتد أحد الزوجين:

إذا ارتد الزوجان أو أحدهما عن الإسلام قبل الدخول بطل النكاح.
وإن حصلت الردة بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة:
فإن تاب فيها من ارتد منهما فعلى نكاحهما، وإن لم يتب انفسخ النكاح بعد انقضاء العدة، وتُحسب العدة منذ بداية الردة، والمرتد كافر بخروجه عن الإسلام إلى الكفر.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [217]} [البقرة:217].

.حكم الكافر إذا أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة:

إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة فله حالتان:
إن أسلمن أو كن كتابيات اختار منهن أربعاً وفارق الباقي.
وإن لم يسلمن فارقهن بعد انقضاء العدة؛ لأن الكافرة محرمة على المسلم.

.حكم من أسلم وتحته امرأة محرَّمة:

إذا أسلم الكافر وتحته أختان اختار منهما واحدة، وإن جمع بين المرأة وعمتها أو خالتها اختار واحدة منهما، وهكذا الحكم في كل محرمة عليه بسبب النسب، أو الرضاع، أو المصاهرة كابنته، أو أخته من الرضاع، أو أم زوجته.

.صفة عقد نكاح الكفار:

إذا جاءنا الكفار قبل عقد النكاح بينهم عقدناه على حكمنا بإيجاب، وقبول، وولي، وشاهدي عدل منا، وإن جاؤا بعد عقد النكاح بينهم:
فإن كانت المرأة خالية من موانع النكاح أقررناهم عليه، وإن كان بالمرأة مانع من موانع النكاح فرقنا بينهما.

.حكم صداق الكافرة:

إن كانت المرأة الكافرة قد سمي لها مهر وقبضته استقر، صحيحاً كان المهر أو فاسداً كخمر وخنزير ونحوهما، وإن كانت لم تقبضه: فإن كان صحيحاً أخذته، وإن كان فاسداً أو لم يفرض لها مهر، فلها مهر المثل صحيحاً.

.الأنكحة التي هدمها الإسلام:

1- نكاح الاستبضاع: وهو أن يقول الرجل لامرأته أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها حتى يتبين حملها من غيره، وكانوا يفعلونه رغبة في نجابة الولد.
2- نكاح البغايا: وهو أن تنصب المرأة على بابها راية تكون علماً على أنها زانية، فمن أرادها دخل عليها، فإذا حملت ووضعت جُمع لها من زنا بها ودَعَوا لهم القافة فألحقوا الولد بالذي يرون، ثم دعي ابنه.
3- نكاح الخِدْن: وهو أن تتخذ المرأة خِدْناً يطؤها في السر.
4- نكاح الرهط: وهو أن يجتمع رهط من الرجال على المرأة فيدخلون عليها وكلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت أرسلت إليهم وألحقته بمن شاءت منهم، فيدعى ابنه.
فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم هدم نكاح الجاهلية كله إلا ما وافق الإسلام فأقره وأبطل ما سواه.
1- قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [85]} [آل عمران:85].
2- وَعَنْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أخْبَرَتْهُ: أنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أرْبَعَةِ أنْحَاءٍ، فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ. أخرجه البخاري.

.9- الصداق:


الصداق: هو ما تستحقه الزوجة على زوجها بالنكاح من مال ونحوه.
وله أسماء عشرة هي:
صداق، وصدقة، ونِحْلة، وأجر، وفريضة، ومهر، وطَوْل، ونكاح، وحباء، وعقر.

.حكمة مشروعية الصداق:

رفع الإسلام مكانة المرأة وأكرمها وأعطاها حقها في التملك وحسن المعاشرة، وفرض لها المهر إذا تزوجت، وجعل المهر حقاً للمرأة على الرجل الذي تزوجها، يكرمها به؛ جبراً لخاطرها، وإشعاراً بقدرها، وعوضاً عن الاستمتاع بها، يطيب نفسها، ويرضيها بقوامة الرجل عليها، ويبرهن على حسن نية زوجها، ويُشْعِر بقدرها وعزتها.
قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34].

.حكم الصداق:

الصداق حق واجب للزوجة على زوجها بما استحل من فرجها.
وهو ملك لها لا يحل لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا إذا طابت المرأة نفساً بهذا الأخذ.
ولأبيها خاصة أن يأخذ من صداقها مالا يضرها وما لا تحتاج إليه ولو لم تأذن.
1- قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [4]} [النساء:4].
2- وقال الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [24]} [النساء:24].
3- وقال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25].
4- وقال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [20] وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [21]} [النساء:20- 21].
5- وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى عَلَى عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟». قَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قال: «فَبَارَكَ اللهُ لَكَ، أوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». متفق عليه.